يضج العالم اليوم بالأخبار عن برنامج الدردشة الذكية ChatGPT الذي أطلقته مايكروسوفت مؤخراً، وقدم إجابات صاعقة على بعض الأسئلة التي وجهت إليه، تضمنت تهديدات بالإيذاء، وتوجيه للطلاق، واستخدام لغة عنصرية، ما جعل الناس يبحثون عن مخترع هذه التقنية المدهشة التي تعتمد الذكاء الاصطناعي في صنع "روبوت" رقمي استثنائي.
فروبوت ChatGPT استطاع أن يرسم لوحات مميزة في وقت قياسي، واستطاع أن يكتب مقالات متقنة في ثوان، كما يمكنه التفاعل مع الكثير من الأسئلة التي توجه إليه ليجيب عليها بسرعة فائقة في أي مجال كانت.
ويعد ربوت ChatGPT فاتحة ثورة جديدة في العالم الرقمي، لم يعد بالإمكان تجنبها مع الإمكانيات الهائلة التي تجعل أعماله تشبه أعمال الإنسان، فباستطاعته تشخيص الأمراض وكتابة الوصفات الطبية، وكتابة المقالات في مختلف المجالات، وحتى تقليد المؤلفين والرسامين المشهورين بكل سهولة. حتى إن التطبيق الخاص به استغرق 5 أيام فقط حتى يكتسب مليون مستخدم! ومع ذلك عبر البعض عن تضمنه العديد من المخاطر مثل تقديمه إجابات "قاطعة" رغم أنها قد تكون خاطئة تماماً، وتوليد معلومات عنصرية وجنسية، وتقديم نصائح مدمرة. ويعيد البعض السبب الرئيسي لهذه المخاطر إلى أن هذا "الذكاء" يستمد معلوماته الأساسية من شبكة الإنترنت بكل ما تتضمنه من "ما هب ودب".
فمن هو مخترع روبوت الدردشة الذكية ChatGPT؟
إنه سام ألتمان، Sam Altman الذي حاز على الكثير من الشهرة ليس فقط بكونه مبرمجاً، بل أيضاً بكون مدوناً، رائد أعمال، ومستثمر. فهو رئيس شركة واي كومبيناتور Y Combinator، والرئيس المشارك لشركة OpenAI، كما أنه عضو في المجس الاستشاري لمدينة "نيوم" السعودية، المشروع الذي يعد أعجوبة قيد الإنشاء. بل إن مجلة فوربس اعتبرته، في 2015، أهم مستثمر دون الثلاثين من عمره.
سام ألتمان مواطن أمريكي ولد في ولاية ميسوري عام 1985، درس علوم الكمبيوتر في جامعة ستنافورد، وحصل على درجة فخرية من جامعة واترلو.
يقال أن سام ألتمان حصل على أول حاسوب خاص به في عمر 8 سنوات، وبدأ فوراً بتعلم البرمجة. ولم يكمل تعليمه في جامعة ستانفورد بسبب رغبته الجامعة بتأسيس أولى شركاته: شركة Loopt. إلا أن النقلة النوعية الأهم حدثت عندما بدأ العمل في "مسرعة الأعمال" Y Combinator بدوام جزئي، قبل أن يتولى قيادتها بعد أن أثبت جدارته وكفاءته. وهي الشركة التي قدمت العديد من المشاريع الهامة التي لاقت شهرة عالمية مثل Airbnb, DropBox, zenefits, Stripe. كما شهدت الشركة المزيد من الازدهار تحت قيادته، فأطلقت المزيد من المشاريع مثل مختبر أبحاث Y Combinator Research غير الربحي.
بدأ Sam Altman العمل على الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي في وقت مبكر نسبياً، في 2015، إذ أنشأ شركة OpenAI المتخصصة بأبحاث الذكاء الاصطناعي والتي تضع هدفاً لها استغلال إمكانيات هذا المجال بما يفيد الإنسان. وتلقى دعماً من العديد من المستثمرين في مجال التكنولوجيا مثل إيلون ماسك وبيتر ثيل وريد هوفمان، رغم أن إيلون ماسك كان وقتها يحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي على البشرية كما فعل ستيفن هوكينغ الذي حذر من احتمال أن يقوم الذكاء الاصطناعي بالقضاء على البشرية يوماً ما.
إلا أن هذه المخاوف لم تحد من طموحات سام ألتمان، فالتقى الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، ساتيا ناديلا، في سياتل، وقدم عرضه الخاص عن الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي لاقى ترحيباً من مايكروسوفت، فأقدمت على استثمار بقيمة مليار دولار في المشروع، وهو ما أتاح لشركة OpenAI تركيز عملها على تطوير معالجة اللغة الطبيعية بما أتاح لها تقديم أداتين أساسيتين للذكاء الاصطناعي التوليدي هما DALL-E و ChatGPT.
ورغم أن ChatGPT تطبيق مجاني، إلا أن هناك نسخة منه تتطلب الاشتراك بـ 20 دلاراً شهرياً، مع التمتع بالعديد من المزايا الإضافية مثل الأفضلية حتى في أوقات الذروة، واستجابات أسرع.
واليوم، رغم الانتقادات التي وجهت للتجارب العامة الأولى لتطبيق ChatGPT بإجاباته المثيرة، يبدو أن عالماً جديداً قد ولد، ثورة ربما يكون سام محقاً بالقول عنها: سيحقق الذكاء الاصطناعي العام خلال مئة عام القادمة أكثر بكثير مما حققته البشرية منذ اخترعت العجلة.